يعد تجديد الأطراف المبتورة موضوعًا مثيرا ومعقدًا استحوذ على اهتمام العلماء وعامة الناس لسنوات عديدة. على الرغم من أن التجديد الكامل للأطراف المبتورة أمر نادر نسبيًا في الأنواع الحيوانية، إلا أن بعض الزواحف، مثل السمندل، تمتلك قدرة رائعة على تجديد الأطراف الوظيفية. تثير هذه القدرة الطبيعية أسئلة أساسية حول آليات التجديد وتوفر أملاً محتملاً لتطوير مناهج علاجية جديدة في الطب التجديدي البشري.
أصبح السمندل، وهو حيوان برمائي يتميز بقدرته على تجديد الأطراف المبتورة، موضوعًا رئيسيًا للدراسة في مجال تجديد الأنسجة. عندما يتم بتر أحد الأطراف عند السلمندر، تبدأ عملية تجديد معقدة. تنقسم الخلايا القريبة من منطقة البتر وتتمايز لتشكل الأنسجة اللازمة لإعادة بناء الطرف المفقود، بما في ذلك العضلات والعظام والأوعية الدموية والأعصاب. تُعزى هذه القدرة على التجدد إلى وجود خلايا جذعية محددة، تسمى الخلايا الجذعية متعددة القدرات، القادرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من خلايا الأنسجة.
لا تزال الآليات الدقيقة لتجديد الأطراف عند الزواحف، ولا سيما لدى السمندل، قيد الدراسة على نطاق واسع. ومع ذلك، فقد تم تحديد بعض السبل الواعدة للبحث. من المعروف أن السمندل أو السلمندر قادر على إعادة تنشيط مسارات إشارات تنموية محددة تكون غير نشطة بشكل عام عند الثدييات البالغة. تلعب مسارات الإشارات هذه، مثل مسار إشارات عامل نمو الخلايا الليفية، دورًا مهمًا في تكاثر الخلايا وتمايز الأنسجة أثناء التجديد.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن قدرة السلمندر على تعديل الاستجابة الالتهابية بعد البتر تلعب دورًا مهمًا في التجديد الناجح. على عكس العديد من الثدييات، لا يطور السلمندر ندبة ليفية كبيرة بعد البتر، مما يعزز بيئة مواتية لتجديد الأنسجة.
آفاق تجديد الأعضاء المبتورة عند البشر
تتمتع الفقاريات بقدرات تجددية : وبالتالي فإن أطراف أصابع الأطفال الصغار لها القدرة على النمو مرة أخرى في حالة التعرض للبثر. على سبيل المثال في حالة بثر الأصبع ينمو أصبع جديد، له نفس بصمات أصابع اليد وينمو طولا وعرضا.
بصرف النظر عن هذه الحالة التي ينفرد بها الأطفال الصغار، فإن تجدد الأعضاء المبثورة غير ممكن. والسبب ؟ الخلايا الليفية، وهي الخلايا التي تتكاثر في منطقة الجرح، منتجة مصفوفة خارج خلوية غنية بالكولاجين لإعادة بناء الأنسجة. ولكن على عكس الخلايا الليفية الموجودة في الأنسجة السليمة، فإن تلك الموجودة في الندبات غير منظمة.
في الواقع، السلوك الفوضوي لهذه الخلايا يجعل من المستحيل إنشاء العضو نفسه. ومع ذلك، يأمل الباحثون أن ينجحوا في التحكم في الإشارات البيوكيميائية التي تدير الخلايا الليفية. وبالتالي سنكون عندئذ مثل ’’السلمندر‘‘، الذي يتمتع بالقدرة على تجديد الأعضاء، حيث يمكن أن ينمو له العضو كلما تعرض للبثر.
يجري البحث لفهم آليات التجديد الطبيعي لدى البشر بشكل أفضل ولتطوير مناهج علاجية يمكن أن تحفز تجديد الأنسجة. تتم دراسة الخلايا الجذعية المحددة، مثل الخلايا الجذعية اللحمية المتوسطة، لإمكانية تجديدها. بالإضافة إلى ذلك، يتم استكشاف تقنيات الهندسة الحيوية والعلاج بالخلايا لتعزيز تجديد الأنسجة، لا سيما من خلال إنشاء مصفوفات المواد الحيوية والتلاعب في مسارات الإشارات.