يعتبر النحاس، وهو عنصر كيميائي يرمز له بـ Cu والرقم الذري 29، من أقدم المعادن التي استخدمها الإنسان. لآلاف السنين، لعب دورًا أساسيًا في تطور الحضارة البشرية، حيث تطورت من العصر الحجري إلى العصر النحاسي، وأخيراً إلى العصر الصناعي الحديث. يتمتع النحاس بخصائص فيزيائية وكيميائية فريدة من نوعها، ولا يزال يلعب دورًا مهمًا في العديد من القطاعات، بدءًا من الطاقة والإلكترونيات، إلى البناء والطب.
كان ظهور العصر النحاسي بمثابة علامة فارقة في تاريخ البشرية، مما أتاح تحقيق تقدم كبير في الزراعة والمعادن والتجارة.
خصائص النحاس ومجالات تطبيقاته الحديثة
يشتهر النحاس بموصلية كهربائية استثنائية، مما يجعله أحد أكثر المواد استخدامًا في مجال الإلكترونيات والاتصالات. تستخدم الكابلات النحاسية على نطاق واسع لنقل الإشارات الكهربائية، بدءًا من خطوط الطاقة عالية الجهد إلى كبلات الإيثرنت المستخدمة لشبكات الكمبيوتر.
بالإضافة إلى ذلك، يستخدم النحاس في تصنيع المكونات الإلكترونية مثل رقائق الدوائر المتكاملة والموصلات. كما أن الموصلية الحرارية العالية له تجعله مادة مفضلة للاستخدام في المشعات والمبادلات الحرارية.
النحاس ضروري أيضًا في صناعة البناء. يتم استخدامه للأنابيب وأنظمة السباكة نظرًا لمقاومته للتآكل ومتانته.
التطبيقات الصحية للنحاس
تحتوي كل ذرة نحاس على إلكترون حر يلحق الضرر بجزيئات الكائنات الحية الدقيقة عن طريق أكسدة هذه الجزيئات. وهكذا، يغير النحاس مورفولوجيا الفيروسات بشكل لا يمكن إصلاحه، عن طريق تشتيت البروتينات ذات الشكل الشائك التي تبطن سطح هذه الأخيرة فتفكك غلافها، قبل أن تبدأ بتدمير الجينوم الخاص بها. هذا التأثير يكون أسرع على ما يسمى بالفيروسات (المغلفة)، وخاصة الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، لأن تلك التي ليس لديها غلاف تتميز بامتلاكها قفيصة (غلاف بروتيني يحيط بالمادة الجينية للفيروس) أكثر مقاومة.
النحاس قادر حتى على قتل البكتيريا
المدة الزمنية التي يقوم فيها النحاس بتدمير الفيروس التاجي البشري (229E )، وهو فيروس مغلف، هي عشر دقائق فقط بينما،
على الأسطح الأخرى مثل المكنوة من مادة (البولي
فينيل كلوريد) أو السيراميك أو الزجاج أو الفولاذ، يبقى هذا الفيروس على قيد الحياة لعدة أيام. وهذا هو السبب في أن المستشفيات والمؤسسات العامة جعلت مقابض الأبواب والدرابزين (حاجز على جانبي الدّرج، يستعين به الصَّاعد) من النحاس. إن النحاس قادر أيضًا على قتل البكتيريا، خاصة عن طريق تدمير أغشيتها.
الاستدامة وإعادة التدوير
أصبحت الاستدامة مصدر قلق كبير في الصناعة الحديثة. لحسن الحظ، يعتبر النحاس أحد أكثر المعادن القابلة لإعادة التدوير في العالم. تساعد إعادة تدوير النحاس في تقليل الطلب على الموارد الطبيعية وتقليل النفايات.