في الثرات الإسلامي نجد، من حيث المبدأ، أن المرأة مغيبة عن تولي أمور الدولة، باستثناء بعض المجالات الخاصة. لكن، في الواقع، لم يكن الأمر كذلك في الإمبراطورية العثمانية، لا سيما خلال فترة تسمى على وجه التحديد "سلطنة الحريم"، والتي امتدت لأكثر من قرن، بين عامي 1533 و 1656.
يتوافق التاريخ الأول مع زواج السلطان (سليمان القانوني) بإحدى محظياته، (روكسلان). لا نعرف سوى القليل جدًا عن هذه المرأة، باستثناء أنها ربما كانت من أصل أوكراني وأنها بيعت كجارية.
هذه هي المرة الأولى التي يتزوج فيها سلطان عثماني. حتى ذلك الحين، كان الحريم هو الذي يوفر له المحظيات اللواتي تنجبن له ورتثه.
من خلال وضع سليمان لـ (روكسلان) في الواجهة، كزوجته الوحيدة، بالإضافة الى منحها لقبًا محددًا، منحها ذلك قوة خاصة. في الواقع، لقد كان لها تأثير على السياسة الخارجية للإمبراطورية، بل وقادت، في بعض الأحيان، البعثات الدبلوماسية.
دور أمهات السلاطين
خلال هذه الفترة، لعبت نساء أخريات دورًا مهمًا في شؤون البلاد. إنهن أمهات السلاطين، اللائي حصلن على لقب ’’والدة السلطان‘‘ (بالتركية : Valide sultan). في الواقع، مارس الكثير منهن السلطة باسم أبنائهن القاصرين.
كما أن بعضهن مارسن الوصاية على سلاطين غير أكفاء. هؤلاء السلطانات، اللائي كان يجب أن يقتصر دورهن، وفقًا للتقاليد التركية، على إدارة الحريم، لكنهن وجدن أنفسهن مجبرات على فرض أنفسهن.
لفرض أنفسهن خارج الدائرة الضيقة للقصر والحريم، وبالتالي تعزيز سلطتهن، قامت العديد من أمهات السلطانة ببناء مستشفيات أو مدارس أو حمامات عامة.
هذه المبادرات تمت في إطار مؤسسات دينية تسمى "الأوقاف". وخصوصيتها هي تقديم خدمات تفيد جميع الشعب.
خلال هذه الفترة من سلطنة المرأة، لعبت بعض السلطانات، مثل السلطانة كوسم Kösem، دورًا رئيسيًا. ولدت كوسم عام 1589 وتزوجت من السلطان أحمد الأول، وحكمت البلاد عدة مرات، بسبب أن ابنها الأول غير صالح للسلطة والآخر قاصر.