لماذا من الصعب جداً تطوير لقاحات جيدة !

هل حقا اللقاح يحمي ضد الفيروسات

إنه لمن الصعب جداً تطوير لقاحات جيدة ! فعلى سبيل المثال، بالنسبة لـ (الفيروس المخلوي التنفسي) الذي يعد أحد الفيروسات الرئيسية في فصل الشتاء. ففي الولايات المتحدة وحدها، يسبب هذا الفيروس حوالي 17000 حالة وفاة كل عام، معظمهم من كبار السن وذوي الصحة الهشة، تماما كما تفعل الإنفلونزا. ويتسبب أيضًا في وفاة 300 رضيع سنويًا في البلد نفسه. وفي جميع أنحاء العالم، يقتل هذا الفيروس ما بين 60000 و200000 طفل كل عام ! إنه رقم ضخم !


لقد عمل الباحثون من كل العالم منذ عقود لإيجاد لقاح له. والنتيجة ؟ لا شيء. لم ينجحوا رغم عشرات اللقاحات التجريبية. فالحقيقة هي أنه من الصعب جدًا تطوير لقاحات جيدة، حتى عندما يكون أمامك عقود من الزمن. إذن، برأيكم، ما هي احتمالية اكتشاف لقاح في غضون أشهر قليلة فقط ؟


إن معظم الناس لا يدركون مدى صعوبة إنتاج لقاح فعال وآمن. خد على سبيل المثال، الإنفلونزا، فالعلماء لم يتوصلوا حتى الآن إلى إنتاج لقاح فعال بكل معنى الكلمة ! ربما سيقول قائل : هذا لأن الإنفلونزا لديها العديد من السلالات، والتي تتغير كل عام : فهناك الأنفلونزا A(H1N1)، الأنفلونزا A(H2N3)، الأنفلونزا B، إلخ. وهذا فعلا، صحيح : فعندما لا يحتوي اللقاح على السلالة الصحيحة، يمكن أن تقل فعاليته إلى الصفر. لكن، يجب أن تعلموا أن فعالية اللقاح منخفضة حتى عندما يحتوي اللقاح على السلالة الصحيحة !


إن احتمالية صنع لقاح مقبول وقابل للاستخدام وعملي منخفض للغاية. لكن الصحافة تجد هذا الموضوع مادة دسمة، وتخبرنا أنه سنحصل على لقاح خلال 22 شهرًا، 25 شهرًا، 26 شهرًا، 14 شهرًا. في الواقع، هذا كله مجرد خيال علمي. نحن لا نقول إنه مستحيل. لكن هذا مستبعد جدًا. لسبب بسيط : وهو أن الفيروسات والجهاز المناعي بالغا التعقيد. ونتيجة لذلك، تضر اللقاحات اكثر مما تنفع.


في الواقع، اللقاح الجديد الوحيد الذي تم طرحه في السنوات الأخيرة هو لقاح ضد حمى الضنك، الذي شكل جزئياً كارثة، لأن التحصين ضد حمى الضنك أدى إلى تكون شكل ثانٍ من فيروس حمى الضنك أكثر خطورة من الأول. وتجري الآن دعوى قضائية كبيرة في الفلبين ضد أولئك الذين قاموا بتسويق هذا اللقاح.  إنه سبب كاف للحذر من اللقاحات الجديدة : فهناك الكثير من الآثار غير المتوقعة والكارثية التي يمكن أن تحدث !


إن الآثر السلبي الأكثر شيوعًا في اللقاحات هو(سهولة العدوى عن طريق الأجسام المضادة). والمتخصصون يعرفون جيدا هذه الظاهرة. ففي بعض الحالات يزيد اللقاح من خطر الإصابة بالعدوى، بدلاً من الحماية منها. ولهذا السبب فإنه من الخطر للغاية محاولة إنتاج لقاح على عجل، دون اختباره بشكل صحيح ! حيث لا يجب تطعيم الناس حتى يتم تقييم فعاليته وآمانه بشكل كامل في النماذج الحيوانية أو التجارب السريرية.


إنه لمن غير المقبول تعريض حياة الناس للخطر بلقاح تم إنشاؤه على عجل ! خاصة وأن طفرة بسيطة في الفيروس يمكن أن تجعل اللقاح عديم الفائدة أو حتى عكس تأثيره ! وهذا ما حدث بالضبط العام الماضي مع نوع فرعي من فيروسH3N2، حيث لم يخفض ال​​لقاح خطر الاصابة بالإنفلونزا ولكن، على العكس، قد زاد من خطر الإصابة بها ! لماذا ؟ لأن الفيروس في اللقاح لم يكن هو نفس الفيروس الذي كان منتشرا. كان مشابها جدا له، ولكن لم يكن مثله تماما. والنتيجة، تم خداع الجهاز المناعي : لأنه تم تدريبه على مكافحة نوع معين من الفيروسات، مما جعله أقل فعالية ضد فيروس يشبهه كثيرا !


وهذا ليس كل شيء. فهناك أسباب أخرى تجعل ضرر اللقاح أكثر من نفعه. والأمر يتعلق هذه المرة بالاضافات الموجودة فيه : بلا شك تذكرون لقاح إنفلونزا H1N1 لعام 2009 الذي تسبب في حالات خطيرة من الخدار (narcolepsy) بسبب مادة السكوالين (the squalene adjuvant). هل تدركون الآن كيف يمكن أن يكون للقاحات آثار جانبية غير متوقعة تمامًا !