ما هي آثار الشعور بالامتنان على الصحة ؟

الامتنان في الإسلام، فوائد الامتنان، الامتنان في القرآن، الفرق بين الامتنان والشكر، تعريف الامتنان في علم النفس، تمارين الامتنان، كيفية الامتنان، تجارب الامتنان، كلمة شكرا


كل شيء بدأ في ولاية كاليفورنيا (الولايات المتحدة الأمريكية) في أواخر التسعينات، عندما أعلن البروفيسور (روبرت إيمونز) أنه كان ينوي الشروع في دراسة الامتنان وتأثيره على الصحة. طبعا استغرب 
زملائه. فكيف يمكن لشعور بسيط أن يشفي من الأمراض؟ وكيف يمكن دراسته علمياً ؟ لكن روبرت إيمونز تمسك بفكرته. واليوم، لايمر شهر دون أن نسمع عن دراسات من جميع أنحاء العالم حول هذا الموضوع، مسفرة عن نتائج مدهشة.


في الواقع، ليس من قبيل الصدفة أن تشجع التقاليد والاعراف والديانات على الشعور بالامتنان تجاه بعضنا البعض واتجاه الخالق شكراً لكل النعم التي وُهبها البشر. وما على المرء سوى النظر حوله ليرى أن الأشخاص الأكثر امتنانا هم أكثر سعادة من الأشخاص الجاحدين.


ولمعرفة آثار الامتنان على نفسية وصحة المرء، قام العلماء باختيارعدة مئات من الأشخاص في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وقاموا بتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات.


كان على المجموعة الأولى كتابة ما لا يقل عن خمسة أحداث إيجابية (شعروا خلالها بالامتنان) حدثت لهم كل أسبوع. وقد شملت الإجابات بكل بساطة الامتنان عند "الاستيقاظ في الصباح" الى الامتنان "بوجود آباء رائعين".


المجموعة الثانية كان عليها سرد ​​مشاكل الحياة اليومية، والأحداث التي نغصت عليهم عيشتهم (مثل صعوبة العثور على مكان فارغ في موقف السيارات، ديون في الحساب البنكي، إلخ..)


فيما طُلب من المجموعة الثالثة مجرد تدوين معظم الأحداث البارزة التي شهدوها كل أسبوع ، وأترث عليهم بشكل أو بآخر.


بعد 3 أشهر، كان أعضاء المجموعة الأولى (الامتنان) أكثر حماسًا وإيجابية وتفاؤلًا بالمستقبلوالمثير أكثر للدهشة : هو أنهم كانوا أقل عرضة للمشاكل الصحية بل وبدأو بممارسة المزيد من النشاط البدني (ساعة ونصف في الأسبوع!).


لتأكيد هذه النتائج الغير مسبوقة، أجرى العلماء نفس الاختبار على أشخاص مصابين بأمراض عضلية عصبية خطيرة وأمراض تنكسية. حيث كانوا يعتقدون أنه سيكون من الصعب للغاية الشعور بالامتنان في حالة مرض (الأمل فيه بالشفاء منعدم) ومعاناة يومية.


ولكن، كانت النتائج عكس كل التوقعات: حيث لم يُظهر أعضاء مجموعة "الامتنان" شعوراً عام بالرفاهية أعلى من الآخرين فحسب. بل وتحسنت جودة وعدد ساعات نومهم. وحتى شركاء حياتهم أو أقاربهم شهدوا عليهم تغيرًا إيجابيًا، حيث لاحظوا أنه أصبح لديهم إقبال أكثر على الحياة.


لقد قدمت هذه الدراسة دليلا ليس عليه غبار على أن الامتنان ليس شعورًا عاديا. وهذا الشعور لايرفع من معنويات المرء فحسب بل ويحسن أيضًا علاقاته مع الآخرين، وخاصة العلاقات الزوجية (كما أظهرت ذلك دراسات أخرى).


الامتنان شعور رائع لأنه يقودنا إلى إدراك (بمعنى الاعتراف) أن هناك خير في هذا الوجود. صحيح أن الحياة ليست مثالية دائما، وأحيانًا تكون قاسية جداً.  ولكن هناك دائما أفراح، ولحظات جميلة تستحق أن نعيش من أجلها.


والشعور بالامتنان يدفعنا إلى عيش هذه اللحظات، والامتنان بوجودها في حياتنا بدلاً من التفكير في اللحظات الأليمة، والتركيز على الإيجابيات بدلاً من السلبيات.


في الواقع، ليس الأمر مجرد "تفكير إيجابي" وتجاهل صعوبات أو تحديات الحياة اليومية. بل الأمر يتعلق بإدراك أنه حتى التجارب الأليمة يمكن أن تجلب لنا شيئًا إيجابيا، وهذا الشيء هو ما يجب التركيز عليه.


ويساعدنا الامتنان أيضًا على التخلص من المشاعر السامة مثل الحسد والمرارة. فبدلاً من الشعور بالحسد من الأخرين (لأنهم يملكون أشياء لانملكها نحن)، يجعلنا الامتنان نقدر ما لدينا.


بل أكثر من ذلك، يدفعنا الشعور بالامتنان الى نكران الذات والانفتاح على الآخرين. لأننا ندرك حينها أننا مدينون لهم، ولو جزئيا، ببعض الأمور الايجابية التي تحصل لنا.


ما هو تأثير الكرم على الدماغ ؟


منذ بضع سنوات، أجريت دراسات حول الإيثار وقد اظهرت أن الأشخاص الأكثر إيثارا وكرما هم أكثر سعادة من غيرهم. يبقى السؤال لماذا عندما يكون المرء كريما مع الآخرين يجعله سعيدا للغاية ؟


العلاقة بين الإيثار والسعادة


حاولت الدراسات التي أجريت، قياس الصلة المحتملة بين الكرم والسعادة. ولهذا الغرض، جمع فريق دولي من الباحثين في عام 2017 مجموعة من 50 متطوعًا.


طُلب منهم أولاً الإجابة عن الأسئلة التي تهدف إلى تقييم مستوى سعادتهم. ثم علموا أنهم سيحصلون على مبلغ معين من المال كل أسبوع لمدة شهر.


كان على نصف المشاركين استخدام هذه الأموال لأغراضهم الخاصة، بينما طلب من الآخرين إنفاقها لإرضاء الناس المحيطين بهم. بعد ذلك، كان على المتطوعين إكمال استبيان آخر لتقييم مدى ميلهم إلى الإيثار.


طوال هذا الوقت، تم فحص دماغهم بواسطة التصوير المغناطيسي الطبي. النتيجة : الأشخاص الذين خططوا لإرضاء الآخرين، أو الذين أظهروا ميلًا للكرم، كانوا الأكثر سعادة.


وظيفة دماغية محددة


لاحظ مؤلفو هذه الدراسة الدولية أن أدمغة الأشخاص الذين يميلون إلى الكرم لا تعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها أدمغة المشاركين الأقل إيثارًا.


هذا الميل للإيثار يقوم بتنشيط مناطق معينة من الدماغ، ولا سيما المناطق المشاركة في التعاطف وما يسمى بدائرة المكافأة. لذلك فإن الصلة بين الكرم والسعادة، في جوهرها، هي ذات طبيعة فسيولوجية.


ومع ذلك، هناك أسباب أخرى. حيث يفترض بعض المؤلفين أن الشخص السخي ينتظر أن يُكافأ وأن يُعترف بأفعاله الإيثارية.


يعتقد باحثون آخرون أننا كرماء تجاه الآخرين فقط لأننا نتوقع شيئًا في المقابل. هذا الاهتمام بالآخرين هو أيضًا وسيلة لتعزيز التكافل والتعاون الجماعي، وعوامل التماسك في المجتمع.