ما هي عواقب انتاج لقاح في وقت وجيز ؟

ما هي عواقب انتاج لقاح في وقت وجيز


إن النتائج السلبية التي خلفها اللقاح الأول ضد فيروس حمى الضنك (دانجفاكسيا)، والذي طورته وانتجته شركة (سانوفي باستور)، تؤكد بوضوح أهمية الوقت (تجارب على عدة سنوات) لتحليل آثار اللقاح.


في الواقع، حينها تم إجراء دراستين سريريتين كبيرتين من المرحلة الثالثة ضمت أكثر من 30000 مشارك لاختبار لقاح (دانجفاكسيافي دول آسيا وأمريكا الجنوبية. وبعد 25 شهرًا من التطعيم (التلقيح)، لُوحظ انخفاض كبير في حمى الضنك لدى المجموعة التي تلقت اللقاح مقارنةً بالمجموعة التي أعطيت دواء وهمي، مما أدى إلى الاعتقاد أن اللقاح آمن وفعال. ومباشرة تمت الموافقة عليه وتم السماح به في العديد من البلدان.


ولكن، بعد تحليل لبيانات من السنة الثالثة من التجربة التي جرت في آسيا، لُوحظ ارتفاع في أنماط شديدة الخطورة من حمى الضنك لدى الأطفال الملقحين. ودفعت هذه النتائج بشركة سانوفي إلى إيقاف حملة تطعيم مليون طفل في الفلبين في عام 2017.


وأكدت دراسة أخرى نشرت في عام 2018 ارتفاع كبير في الاصابات بالأنماط الحادة لحمى الضنك لدى الأطفال الصغار الذين تم تطعيمهم والذين لم يسبق لهم أن أُصيبوا بحمى الضنك من قبل. ونُسبت حالات الإصابة بحمى الضنك الحادة والوفيات الناتجة عنها، لدى الأطفال الذين تم تطعيمهم في الفلبين، إلى اللقاح، وعلى الفور باشرت السلطات الفليبينية في رفع دعوى قضائية ضد شركة سانوفي المنتجة للقاح. وهذه المحاكمة لا تزال، إلى الآن، جارية.


في الواقع،  لقد ساهمت هذه الفضيحة في هدم ثقة الناس في التطعيم ضد حمى الضنك في الفلبين وزادت من الإحجام عن التطعيم ضد جميع اللقاحات، مما أدى إلى رفض الآباء تطعيم أطفالهم ضد الأمراض التي تصيب الأطفال بالخصوص مثل الحصبة. وكان من نتائج هذه التداعيات عواقب وخيمة بسبب انخفاض نسبة التطعيم في الفلبين : فقد أدى ذلك إلى تفشي حالات الحصبة في عام 2019 (12700 حالة، مع أزيد من 203 حالة وفاة)، في حين أن اللقاح ضد هذا المرض هو متاح بالمجان ويعتبر آمنا تمامًا.


من الناحية التقنية من الممكن تطوير وإنتاج لقاح ضد فيروس كورونا (Covid-19) في أقل من عام. ولكن، سيكون من الصعب جمع البيانات اللازمة خلال هذه الفترة لضمان فعالية وآمان هذا اللقاح. وتوصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بمتابعة ومراقبة المشاركين في التجارب السريرية لمدة عام إلى عامين على الأقل.


وأخيراً، وعلى الرغم من كل شيء، فقد أعلنت حكومة الولايات المتحدة صراحة رغبتها في الحصول على لقاح ضد فيروس كورونا (Covid-19) في أقرب وقت ممكن. وفي السياق ذاته، وقعت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا اتفاقية مع شركة (أسترا زنيكا) لتزويدها بـ 300 مليون جرعة من اللقاح الذي هي بصدد تطويره.