منذ نهاية القرن التاسع عشر، لوحظت ظاهرة ديموغرافية غريبة و مثيرة للاهتمام : تأثير "الجندي العائد" (Returning soldier effect). وتتميز هذه الظاهرة بزيادة عدد الولادات الذكور بعد الحرب. وقد لوحظت هذه الظاهرة بشكل خاص بعد الحربين العالميتين.
التفسيرات المحتملة لظاهرة "الجندي العائد"
تم طرح عدة فرضيات لتفسير ظاهرة "الجندي العائد" :
- العودة إلى التوازن : يرى بعض العلماء أن تأثير "الجندي العائد" يحدث لكي يعيد التوازن بين الجنسين بعد خسائر الذكور الناجمة عن الحرب.
- التأثير البيئي : تشير دراسات أخرى إلى أن البيئة التي تعيش فيها المرأة الحامل يمكن أن تؤثر على جنس الطفل. أوقات الاضطرابات، مثل الحروب، تكون أقل ملاءمة لولادة الأولاد الذكور بسبب العوامل الهرمونية والجنينية. وبالتالي فإن فترات ما بعد الحرب تمثل العودة إلى بيئة أكثر ملاءمة للمواليد الذكور.
- الانتخاب أو الإنتقاء الطبيعي : اقترح عالم نفس ياباني نظرية الانتقاء الطبيعي لتفسير تأثير "الجندي العائد". ووفقا له، فإن الجنود الذين ينجون من الحرب عادة ما يكونون أطول قامة من رفاقهم الذين قضوا. هؤلاء الرجال الذين لديهم أجسام أضخم يميلون إلى إنجاب المزيد من الأولاد الذكور.
- التغيرات الهرمونية : طرح أحد الأطباء النفسيين فكرة أن زيادة المواليد الذكور بعد الحرب تعود إلى التغيرات الهرمونية لدى النساء. أثناء النزاعات، غالباً ما تتولى النساء أدواراً ذكورية تقليدية، مما قد يؤثر على نظامهن الهرموني ويعزز إنجاب الأولاد الذكور.
عواقب تأثير "الجندي العائد" على التوازن الديموغرافي
إذا استمر تأثير "عودة الجندي" على مدى فترة طويلة، فمن الممكن أن يكون له تأثير على توازن نسبة الذكور/الإناث عند الولادة، حيث من المعروف أن هذه النسبة تميل قليلاً للذكور(105 مواليد ذكور لكل 100 ولادة إناث). ومع ذلك، فإن عدم التوازن هذا يقابله عمومًا ارتفاع طفيف في معدل وفيات الرضع بين الأولاد الذكور.
الخلاصة
إن تأثير "الجندي العائد" هو ظاهرة ديموغرافية معقدة وغير مفهومة بعد. وفي حين تم طرح العديد من الفرضيات لتفسير هذه الظاهرة، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد الآليات الدقيقة وراءها.