هناك الكثير من الأبحاث تدرس الشيخوخة. وقد طور العلماء الأمريكيون والصينيون مؤخرًا ما أطلقوا عليه "ساعة الشيخوخة". حيث، قاموا بفحص البيانات الصحية لما يقرب من 12000 شخص. حيث أخذوا في الاعتبار ضغط دمهم، وقدرة الرئة لديهم، وحالة الكلى أو حتى احتمال إدمانهم على التدخين.
كما تم أخذ تواريخ طبية معينة في الاعتبار، مثل السكتات الدماغية أو أمراض الكبد. هذه كلها عناصر تجعل من الممكن تحديد العمر البيولوجي ومتوسط العمر المتوقع للمرضى. وهكذا، تمكن الباحثون من ملاحظة أن عادة التدخين تجعلهم يفقدون، بطريقة ما، سنة وثلاثة أشهر من العمر.
الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة والتعاسة يشيخون بشكل أسرع
لكن مؤلفي الدراسة لم يركزوا فقط على تداعيات العوامل الفسيولوجية وعادات نمط الحياة على متوسط العمر المتوقع. بل سلطوا الضوء على تداعيات الصحة العقلية على الشيخوخة.
وهكذا، وفقًا لهذه الدراسة، فإن الوحدة أو العزلة، التي تدفع المرء الى الإنعزال تماما أو حتى التي تحد من العلاقات الإجتماعية، سيكون لها آثار كارثية على الصحة. في الواقع، هذا الأمر ليس جديدا : نحن نعلم، أولدينا شكوك على الأقل، أن الأشخاص الإنطوائيين، الذين لم يختاروا أن يكونوا كذلك، لابد أنهم يعانون من مشكلة كامنة بداخلهم.
إن الجديد في هذه الدراسة هو تسليطها الضوء على العواقب الناتجة عن هذا الشعور بالضيق : وفقًا لهؤلاء الباحثين الأمريكيين والصينيين، فإن الوحدة أو العزلة، أو بمعنى آخر هذه التعاسة التي جعلت المرء ينعزل، ستضيف أكثر من عام ونصف إلى العمر البيولوجي للأشخاص المعنيين.
وبعبارة أخرى، فإن الشعور بالوحدة والعزلة يجعل المرء يشيخ أسرع من إذا كان يدخن أو يشرب التبغ. عوامل أخرى، مثل العزوبية أو العيش في المناطق الريفية، قد تحد أيضًا من متوسط العمر المتوقع.
لذلك فإن الرسالة واضحة : عليك أن تهتم بصحتك النفسية بقدر ما تهتم بصحتك الجسدية. يمكن لكل منهما أن تؤثر على الأخرى وتعزز ظهور أمراض معينة.
نتيجة لذلك، يجب مراعاة الصحة النفسية، ربما أكثر مما ينظر إليها الآن، في دراسة أسباب الشيخوخة.
ما هو تأثير العزلة على الدماغ ؟
الشعور بالوحدة، أو العزلة، يمكن أن يجعل بعض عمليات التعلم أو الحفظ أكثر صعوبة. فالتفاعل مع المحيط، مهم للدماغ لتطوير هذه العمليات، والعزلة تجعل من الصعب إتقان اللغة أو الحساب وتطويرأشكال معينة من الذاكرة.
كما تساهم العزلة أيضا في الإصابة ببعض الاضطرابات في التعلم. وتزداد حالة القلق والإكتئاب لدى الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة. ويمكن أن تؤدي العزلة حتى إلى تدهور في الصحة وبالتالي الوفاة مبكراً.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الشعور بالوحدة أو العزلة يمكن أن يكون لها تأثيرات مباشرة على الدماغ، وحتى تغيير طريقة نموه. لمعرفة ذلك، قام باحثون أمريكيون ودانماركيون بتجارب على الفئران. حيث قاموا أولاً بتركهم يعيشون مع جماعاتهم، ثم، بعد ذلك، عزلوا بعض هذه القوارض، شهراً واحداً، ثم ثلاثة أشهر.
وبعد شهر من العزلة، لاحظ الباحثون أن حجم الخلايا العصبية لدى الفئران قد تقلص. والشهرين الإضافيين من العزلة لم يزد من تقلص حجم الخلايا العصبية.
وربما لن تنمو هذه الخلايا العصبية من جديد لأن أدمغة الفئران التي عاشت معزولة كانت تحتوي على كمية ضئيلة من البروتين المسؤول عن نمو هذه الخلايا العصبية. وقد لاحظ العلماء أيضا، أن أدمغة هذه الفئران كانت تُفرز الكورتيزول (هرمون التوتر) بكمية كبيرة.