تخيّل أن طائرة مدنية ضخمة قد أقلعت للتو في رحلة طويلة بين القارات. ولكن بعد دقائق قليلة من الإقلاع، يتعرض أحد الركاب لوعكة صحية خطيرة، أو يظهر إنذار تقني في قمرة القيادة. في مثل هذه الحالات، قد يقرر الطيّار العودة والهبوط اضطراريًا في أقرب مطار. ولكن هناك مشكلة خطيرة : الطائرة تكون غالبًا ثقيلة جدًا للهبوط بأمان.
هنا يأتي دور إجراء حيوي ولكن غير معروف لدى الكثيرين، يُعرف باسم تفريغ الكيروسين أثناء الطيران.
ما هو تفريغ الوقود الجوي ولماذا يُستخدم؟
تفريغ الوقود يعني ببساطة التخلص من كمية معينة من الكيروسين في الجو، لتخفيف وزن الطائرة قبل الهبوط. هذا الإجراء لا يُتخذ عبثًا، بل يُطبق فقط في حالات استثنائية ووفق قواعد صارمة حددتها "الهيئة العامة للطيران المدني" في الدول المختلفة.
يُستخدم هذا الإجراء بشكل خاص مع الطائرات المخصصة للرحلات الجوية الطويلة، مثل طائرة إيرباص A380، التي يمكن أن تحمل أكثر من 300,000 لتر من الوقود.
الفرق بين وزن الإقلاع ووزن الهبوط
كل طائرة لديها حد أقصى للوزن عند الإقلاع، ولكن هناك أيضًا حد أقصى مختلف للوزن عند الهبوط. الطائرات ذات الرحلات طويلة المدى تقلع محمّلة بكميات هائلة من الوقود لتغطية رحلات قد تمتد لأكثر من 10 ساعات. وفي حال اضطرت الطائرة للهبوط قبل استهلاك كمية كافية من الوقود، فإن الوزن الزائد يمكن أن يشكل خطرًا جسيمًا:
- قد يتسبب في إتلاف معدات الهبوط.
- قد يؤدي إلى فشل مناورة الهبوط.
- أو حتى يتسبب في تضرر المدرج.
أين يوجد خزان وقود الطائرة؟
تقع خزانات الوقود عادةً في الأجنحة وفي الهيكل الأوسط للطائرة، وأحيانًا في الذيل أو خزانات خارجية حسب نوع الطائرة.
كيف يتم تفريغ الكيروسين من الطائرة بأمان؟
في الحالات الطارئة، يمكن للطيار أن يطلب إذنًا من برج المراقبة لتفريغ الوقود. يتم هذا الإجراء دائمًا على ارتفاع يفوق 2000 متر، وفوق مناطق غير مأهولة بالسكان، لتقليل أي تأثيرات بيئية أو صحية.
يجدر بالذكر أن أغلب الكيروسين يتبخر في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، بينما يتحول الباقي إلى بخار ماء وغازات، مما يقلل من احتمالات الضرر البيئي.
هل هذا النظام موجود في جميع الطائرات؟
لا، نظام تفريغ الوقود الجوي غير موجود في جميع الطائرات، بل يقتصر على الطائرات الكبيرة المصممة للرحلات الطويلة. كما أن استخدامه يُعتبر نادرًا للغاية، لكنه ضروري في بعض المواقف لإنقاذ الأرواح وضمان سلامة الطائرة.
كخلاصة، تفريغ الكيروسين أثناء رحلات الطيران هو إجراء تقني دقيق، يُستخدم فقط عندما تكون سلامة الركاب والطائرة في خطر. ورغم أنه قد يبدو غير مألوف أو حتى مقلقًا للبعض، إلا أنه إجراء منقذ في الظروف الطارئة، حيث يسمح للطائرة بالهبوط بأمان دون التسبب في أضرار كارثية.