الكهرباء اللاسلكية ثورة صامتة تلوح في الأفق !

نقل الكهرباء لاسلكياً عبر الهواء كما حلم به نيكولا تسلا قد يصبح واقعاً. تقنية نقل الطاقة الكهربائية بدون أسلاك تفتح آفاقاً جديدة للمستقبل

شيئا فشيئا تقترب ثورة تكنولوجية هادئة ولكنها قد تكون بالغة الأثر: الكهرباء اللاسلكية. بعد أكثر من قرن على إنشاء أولى محطات الطاقة الكهربائية على يد (توماس إديسون)، قد تصبح الاعتمادية على الكابلات والمحوّلات وأعمدة الكهرباء شيئًا من الماضي. قد تبدو فكرة خيالية، لكنها تستند إلى مبدأ قديم عمره أكثر من 100 عام، تصوّره المخترع الشهير (نيكولا تسلا): وهو ما يُعرف اليوم باسم "نقل الطاقة لاسلكيًا" أو Power Beaming.


ما هي فكرة نقل الكهرباء بدون أسلاك؟

تعتمد التقنية على استخدام الموجات الكهرومغناطيسية – مثل الميكروويف أو موجات الراديو أو أشعة الليزر – لنقل الطاقة من دون الحاجة إلى أي وسيط مادي. حيث يقوم جهاز إرسال بتحويل الطاقة الكهربائية إلى موجات، في حين تقوم هوائيات خاصة في الجهة المستقبِلة بتحويل هذه الموجات مرة أخرى إلى تيار كهربائي قابل للاستخدام.


نظريًا، يمكن لهذه التقنية أن تُغني عن الأسلاك تمامًا لتغذية المنازل، والسيارات، وحتى المناطق النائية بالكهرباء. والأمر لم يعد محض خيال علمي. فشركات مثل Emrod في نيوزيلندا وReach Power في الولايات المتحدة، تمكنت من تحقيق كفاءة تصل إلى 95%، مع أهداف مستقبلية لبلوغ نسبة 99%. هذا يعني نهاية أعمال الحفر ومدّ خطوط الكهرباء الطويلة: هوائي ومصدر طاقة قد يكونان كافيين.


من حلم تسلا إلى الاختبارات العملية

في عام 1901، حلم (نيكولا تسلا) بنقل الكهرباء عبر الغلاف الأيوني للأرض لتوفيرها للعالم بأسره. ورغم أنه كان سابقًا لعصره، إلا أن أولى التجارب العملية لم تبدأ إلا في ستينيات القرن الماضي. ففي عام 1964، نجح (ويليام سي. براون) في تشغيل مروحية صغيرة تعمل فقط على طاقة الأمواج الصُّغْرِيَّة (Microwave). ولاحقًا، في عام 1975، استطاعت وكالة ناسا نقل 30 كيلوواط من الكهرباء لمسافة 1.6 كيلومتر بكفاءة بلغت 50%.


منذ ذلك الحين، ساهم التقدّم في تقنيات الليزر، وتطور الأجهزة، والتغيّر المناخي، في إعادة إحياء هذه الفكرة. واليوم، بدأنا نرى تطبيقات واقعية لهذه التقنية، مثل شحن المستشعرات الذكية، وإنارة الأماكن النائية، وتغذية الأجهزة، التي يصعب الوصول إليها، بالطاقة.


مستقبل واعد... ولكن التحديات قائمة

الطموح لا يتوقف هنا. تعمل كل من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووكالة الفضاء اليابانية (JAXA) على تطوير محطات شمسية فضائية يمكنها إرسال ما يصل إلى 1 جيجاواط من الطاقة إلى الأرض – ما يعادل طاقة مفاعل نووي كامل.


لكن هذه التقنية ما زالت تواجه بعض التحديات مثل:

  • تحسين الكفاءة التشغيلية
  • زيادة مدى الإرسال
  • ضمان سلامة البشر من الإشعاعات


رغم ذلك، يبدو أن العالم يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل طاقي مختلف. فما كان يُعتبر سابقًا ضربًا من المستحيل، بدأ يتحول تدريجيًا إلى واقع ملموس. الكهرباء اللاسلكية، التي كانت حلم تسلا، قد تغيّر طريقة حصولنا على الطاقة في المستقبل القريب.