غالبًا ما توحي لنا المساحات الشاسعة من الصحراء صورًا للإبل والجمال تتحرك برشاقة عبر الكثبان الرملية. لطالما كانت هذه المخلوقات الأيقونية حيوانات لا غنى عنها للشعوب الرحل والمسافرين الذين يجتازون الأراضي القاحلة. على الرغم من الخلط بين الجمال العربية والجمال ذات السنامين، إلا أنها تتمتع بخصائص فريدة تسمح لها بالازدهار في البيئات القاسية ولعب دور حاسم في بقاء سكان الصحراء.
طورت الإبل سلسلة من التكيفات الفسيولوجية الفريدة لتحمل ظروف الصحراء القاسية. نظام الدورة الدموية لديها قادر على تنظيم درجة حرارة أجسامها، مما يسمح لها بتقليل فقدان الماء من خلال التعرق. يمكن أن تغلق أنوفها بإحكام لمنع استنشاق الرمال، كما أن رموشها الطويلة وجفونها السميكة تحميها من العواصف الرملية.
الجمال : سفن الصحراء
الإبل أو الجمال من الحيوانات الكبيرة التي تنتمي إلى عائلة الجمليات (Camelidae). خلافًا للاعتقاد السائد، هناك نوعان من الإبل : الجمل العربي والجمل ذو السَنَامَيْن. يمكن التعرف على الجمل العربي الأكثر شيوعًا من خلال سنامه الوحيد، بينما يمتلك الجمل ذو السَنَامَيْن، كما يوحي اسمه، سنامين اثنين.
ما هو دور هذه الحدبة لدى الجمل ؟
أولاً يجب معرفة ما هو دور هذه الحدبة لدى الجمل (hump of camel). في الواقع، هذه السنام مهمة جدا لأنها توفر للجمل الطاقة التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة
في البيئة ذات الظروف القاسية التي يعيش فيها.
وبعكس ما يعتقد كثيرون، هذه السنام لا تحتوي على الماء، بل على الدهون. هذا الاحتياطي من الدهون يوفر الطاقة للجمل ما يسمح له
بالبقاء دون طعام لعدة أسابيع. في الواقع، بفضل هذه السنام، يمكن أن يقطع الجمل 60 كيلومترًا يوميًا،
ولا يأكل سوى من الدهون المخزنة في هذه الحدبة. وعندما ينخفض مستوى الدهون في السنام،
ترتخي هذه الأخيرة وتتدلى على الجانب.
يوجد ما يصل إلى 15 كيلوغراماً من الدهون في سنام الجمل و 11 إلى 12 كيلوغراماً في كل من تلك الموجودة لدى الجمل ذو السنامان. حتى لو كان هناك سنام واحد فقط لدى جمل الصحراء، يمكن أن يخزن فيها هذا الأخير الكثير من الدهون.
تحتوي سنام أو حدبات الجمل على حوالي ثلث الدهون الموجودة في جسمه، والباقي يتوزع في أجزاء أخرى من الجسم، مثل البطن.
لكن الجمل وحيد السنام والجمل ذو السنامان ليس لهما نفس الاحتياجات من الطاقة. ولهذا السبب يختلف عدد الحدبات لدى كل منهما. فإذا كان الجمل ذو السنام الواحد يعيش في
المناطق الحارة في إفريقيا، فإن الجمل ذو السنامان يعيش في آسيا الوسطى في مناطق قد تنخفض فيها درجة الحرارة إلى ما دون 25 درجة مئوية. ولهذا السبب يحتاج الجمل ذو السنامان إلى المزيد من الدهون لمقاومة البرد الشديد. وبما أنهما يعيشان في قارتين مختلفتين، فقد تأقلما بشكل مختلف.
فقبل ثلاثة ملايين سنة، كان سلفهما المشترك يعيش
في آسيا وكان له حدبتان. وبعد الهجرة إلى الغرب، دُمجت الحدبتان فصارتا واحدة. وقد لوحظ، بالفعل، أن جنين الجمل دو السنام الواحد يملك حدبتان بالفعل، التي تندمجان في واحدة قبل الولادة.
هذه الأسنمة أو الحدبات لها وظيفة أخرى. حيث إن الدهن المخزن فيها يحمي هذه الحيوانات من حرارة الشمس. من خلال نقل الحرارة بشكل أبطأ من الماء، فإن الدهون الموجودة في هذه الأسنمة. تعتبر وسيلة فعالة لتنظيم درجة حرارة جسم الجمل.