لقد وفر لنا الخالق عز وجل كل ما نحتاجه من عناصر غذائية مهمة لتعمل أجسامنا بشكل سليم. فلماذا قد نعاني من نقص فيتامين (د) ؟ لماذا يجب على الآباء الذهاب دوما إلى
الصيدليات للحصول على مكملات فيتامين (د) لاعطائها لأطفالهم لينموا بشكل سليم؟
الجواب، هو أن المشكلة في أسلوب أو نمط حياتنا الحديث ! في الواقع، فيتامين (د) يكاد يكون منعدما في النظام
الغذائي ! والطريقة الوحيدة للحصول على جرعات كافية منه بشكل طبيعي هي التعرض للأشعة الشمس الفوق بنفسجية (شمس الصيف تعطينا جرعات كبيرة من هذا الفيتامين: فـ 10 دقائق فقط تحت شمس الصيف تعطينا حوالي 20000 وحدة عالمية (IU) من
فيتامين (د) !).
في الماضي البعيد، كان لدى كل من الرجال والنساء مستويات عالية
جدًا من فيتامين (د)، وذلك بفضل تعرضهم (نصف عراة)، على مدار السنة، لأشعة الشمس الحارة. وجميع الأمهات كنا يرضعن أطفالهن حتى سن 3 سنوات ( حليب الام يزود الأطفال بـ فيتامين (د) الذي يحتاجونه) حتى يبلغوا السن الذي سيتعرضون فيه بدورهم لأشعة الشمس.
والدراسات الحديثة، أكدت أن إعطاء
فيتامين (د) للرضع لافائدة منه في حالة كانت الأم تُرضع وليدها بالرضاعة
الطبيعية، وكان مستوى فيتامين (د) في دمها مرتفعا جدا. لكن في الوقت الحاضر، لم تَعُد ترضع جميع الأمهات أطفالها بالرضاعة الطبيعية. وحتى عندما تفعلن ذلك، فإن معظمهن يعانين من نقص حاد في
فيتامين (د)، وبالتالي لا يمكنهن تزويد أطفالهن بما يكفي من هذا الفيتامين المهم لنموهم السليم !
لماذا يعاني الكل (رجال ونساء) من نقص حاد في فيتامين (د)؟
في الواقع، في أوروبا وأمريكا الشمالية مثلا، تكون
الشمس قليلة جدًا من شهر أكتوبر إلى شهر أبريل، فلايحصل الناس على احطياطات كافية من فيتامين (د). وفي شهر مايو إلى شهر سبتمبر، يقضون معظم الوقت بين أربعة جدران (المنزل، المكتب) ! وما يزيد الطين بلة، هو نصائح السلطات الصحية بوضع كريم واقي عند أدنى تعرض للشمس ! في حين أن واقي الشمس يحجب الأشعة فوق
البنفسجية المفيدة التي تسمح للجسم بإنتاج فيتامين (د) !
في المناطق الحارة كإفريقيا، من الحكمة التعرض للشمس بشكل معقول وحماية الجلد منها، لكن دون استعمال كريمات.
ما علاقة لون البشرة بأشعة الشمس ؟
هل تساءلت يومًا لماذا لا يتمتع جميع الناس بنفس لون البشرة ؟ لماذا يزداد تفتح البشرة كلما صعدنا شمالاً (أوروبا)، فالاسكندنافيون مثلا يملكون بشرة بيضاء جدا ! الجواب هو : لتتمكن أجسامهم من صنع فيتامين (د) بسهولة وبشكل أفضل ! لأن البشرة كلما كانت أكثر بياضا، صار تصنيع فيتامين (د) من الشمس أكثر سهولة.
وإذا كنت تعيش في نصف الكرة الشمالي، فأنت
بحاجة حقًا إلى بشرة قادرة على امتصاص أشعة الشمس، قدر الامكان، لانتاج فيتامين (د) ! لأن الشمس ضعيفة جدا في هذه المناطق مقارنة مع المناطق الاستوائية !
وهكذا، فإن الأفارقة الأوائل الذين وصلوا إلى
أوروبا عانوا من نقص خطير في فيتامين (د). وقد تطلب الأمر آلاف السنين
لتتكيف بشرتهم مع بيئتهم الجديدة. وقد تم ذلك عن طريق الانتقاء الطبيعي : أولئك الذين
كانت لديهم بشرة أفتح قليلاً عاشوا أكثر من الآخرين.. وهكذا، من جيل إلى جيل ... حتى
صاروا جميعهم ذوي بشرة بيضاء !
لماذا فيتامين (د) مهم جدا للصحة ؟
في الواقع، هناك الآلاف من الدراسات العلمية التي أكدت مدى أهمية فيتامين (د) للصحة ! فبالاضافة إلى تقوية العظام، يحمي هذا الفيتامين من السرطان، خاصة سرطان الثدي والبروستاتا. كما يدعم صحة الدماغ، حيث يقلل من
خطر الاكتئاب، ومرض الزهايمر ويبطئ من تطور مرض باركنسون. ويقلل فيتامين (د) أيضا من ضغط الدم ويحمي من
خطر الإصابة بالنوبة القلبية. وبالطبع، يحمي كذلك من الالتهابات
والانفلونزا الموسمية !
هل هناك مخاطر من تناول فيتامين (د) بجرعات عالية ؟
نعم، هناك مخاطر من تناول جرعة زائدة من فيتامين (د)، حيث يمكن أن يؤدي تناول جرعات عالية جدًا من مكملات فيتامين (د) إلى التسمم بالفيتامين (د)، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم (فرط كالسيوم الدم). قد تشمل أعراض الجرعة الزائدة من فيتامين (د) الغثيان والقيء وفقدان الشهية والإمساك وضعف العضلات والارتباك. ومع ذلك، لم يتم إثبات الآثار الضارة بصرف النظر عن حالات التسمم القوية جدًا. لذلك من المهم احترام الجرعات الموصى بها لتجنب أي مخاطر.
إذا لم يكن لجرعة زائدة من فيتامين (د) لمرة واحدة أي تأثير، فإن الجرعة الزائدة التي يتم تناولها بانتظام يمكن أن تتسبب على العكس من ذلك في أضرار جسيمة للجسم.
عندما يرتفع فيتامين (د) بشكل كبير في الجسم، فإنه يؤدي بشدة إلى تحرير المعادن من العظام، والتي تنتقل الى الدم على شكل رواسب الكالسيوم. يمكن أن تتسبب هذه الترسبات في إتلاف جدران الكلى وتؤدي إلى فشل كلوي مزمن طويل الأمد.
كيف تتجنب جرعة زائدة من فيتامين د ؟
يجب اللجوء الى مكملات فيتامين (د) فقط بناءً على نصيحة طبية، مع اتباع مؤشرات الجرعة ومدة العلاج بدقة. ويجب الحرص أيضًا على عدم استخدام العديد من المكملات الغذائية أو الأدوية التي تحتوي على فيتامين (د) في نفس الوقت لتجنب الجرعة الزائدة الناتجة عن تناول هذه العلاجات.