تعد الخصوبة لدى الإنسان جانبًا أساسيًا من جوانب الصحة الإنجابية، حيث تلعب دورًا حاسمًا في استمرارية الحياة لدى البشر. ومع ذلك، شهدت العقود الأخيرة قلقًا متزايدًا بشأن انخفاض الخصوبة لدى الرجال، وتم تحديد العوامل البيئية المختلفة ونمط الحياة الغير السليم على أنها تأثيرات محتملة على الخصوبة. ومن بين هذه العوامل نمط الحياة المستقر.
يُشار الى نمط الحياة المستقر على أنه نشاط بدني غير كافٍ، وقد اجتذب اهتمامًا خاصًا من الباحثين بسبب تأثيره المحتمل على جودة الحيوانات المنوية، وبالتالي القدرة الإنجابية لدى الذكور. مما يعني بشكل ملموس أنه كلما قضيت وقتا أطول في الجلوس، انخفضت جودة الحيوانات المنوية لديك. وقد تكون هذه مشكلة حقيقية للرجال.
ما هو نمط الحياة المستقر ؟
يشير نمط الحياة المستقر إلى نمط حياة يتميز بانخفاض النشاط البدني وقضاء وقت طويل في الجلوس أو الاستلقاء، مع القليل من التمارين البدنية المنتظمة. لا يشارك الشخص المستقر في الأنشطة البدنية الكافية للحفاظ على صحة جيدة. قد يشمل ذلك سلوكيات مثل الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر، أو مشاهدة التلفزيون، أو لعب ألعاب الفيديو، أو غيرها من الأنشطة التي تستدعي الجلوس للقيام بها.
ما هي الخصوبة لدى الرجل ؟
تشير خصوبة الرجل إلى قدرة هذا الأخير على جعل المرأة تحمل. ويعتمد ذلك على نوعية الحيوانات المنوية التي ينتجها، ووظيفة جهازه التناسلي، وقدرة الحيوانات المنوية على تخصيب البويضة. غالبًا ما يتم تقييم خصوبة الذكور من خلال عوامل مثل كمية، نوعية وحركة الحيوانات المنوية، وجوانب أخرى من الصحة الإنجابية للذكور. ومع ذلك، فمن الضروري تحديد الفرق بين عملية الإنجاب لدى الزوجين وخصوبة الرجل. الأولى تأخذ في الاعتبار عملية الإنجاب برمتها أثناء العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة. مثل القابلية بين الأزواج، والتوافق، والتبويض عند المرأة، والإخصاب، وكمية ونوعية الحيوانات المنوية عند الرجل، وما إلى ذلك. والثانية تأخذ في الاعتبار فقط وظيفة الجهاز التناسلي الذكري.
ما هي أسباب العقم عند الرجل؟
يمكن أن يكون للعقم عند الرجال أسباب مختلفة، وفي كثير من الأحيان يمكن أن تساهم عدة عوامل في وقت واحد في العقم. فيما يلي بعض الأسباب الشائعة للعقم عند الرجال :
- مشاكل إنتاج الحيوانات المنوية : يمكن أن تؤثر الحالات الطبية مثل قلة النطاف (انخفاض إنتاج الحيوانات المنوية) أو فقد النطاف (غياب الحيوانات المنوية في السائل المنوي) على الخصوبة.
- مشاكل في حركة الحيوانات المنوية : حتى لو كان إنتاج الحيوانات المنوية طبيعي، إلا أن قدرتها على الحركة قد تكون ضعيفة، مما قد يزيد من صعوبة تخصيب البويضة.
- التشوهات الجينية : يمكن أن تؤدي التشوهات الكروموسومية أو الجينية إلى مشاكل في الخصوبة. على سبيل المثال، متلازمة كلاينفلتر هي حالة وراثية يمكن أن تؤدي إلى انخفاض إنتاج الحيوانات المنوية.
- انسداد القنوات المنوية : يمكن أن يؤدي انسداد القنوات التي تمر عبرها الحيوانات المنوية إلى منع إطلاقها أثناء القذف، مما يؤدي إلى العقم.
- المشاكل الهرمونية : يمكن أن تؤثر المستويات غير المتوازنة من الهرمونات الجنسية مثل هرمون التستوستيرون على إنتاج الحيوانات المنوية.
- دوالي الخصية : هي توسع الأوردة في كيس الصفن، مما قد يؤدي إلى زيادة درجة الحرارة حول الخصيتين ويؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
- التهابات الجهاز التناسلي : يمكن أن تؤدي العدوى مثل التهاب البروستاتا أو التهابات الجهاز التناسلي إلى تعطيل الوظيفة الإنجابية.
- التعرض للمواد الضارة : التعرض للمواد السامة، مثل بعض المواد الكيميائية أو الأدوية أو التدخين، يمكن أن يضر بالخصوبة.
- العوامل البيئية ونمط الحياة : يمكن أن يساهم الخمول البدني والإجهاد أو التوتر المفرط والنظام الغذائي غير المتوازن والسمنة والإفراط في استهلاك الكحول في الإصابة بالعقم.
ما هي المهن التي تستدعي الجلوس لفترة طويلة ؟
في عصرنا الحالي الذي يتسم بالتطور التكنولوجي والصناعي، ظهرت مهن متنوعة ذات نمط مستقر. تتضمن هذه الوظائف عمومًا نشاطًا بدنيًا محدودًا وغالبًا ما تتطلب قضاء وقت طويل في الجلوس. غالبًا ما تتضمن الوظائف المكتبية، مثل مهن الإدارة والمحاسبة وهندسة الكمبيوتر، مهام تتطلب بشكل أساسي الجلوس أمام الحاسوب لفترات طويلة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يقضي المدراء التنفيذيون والمهنيون في مجالات مثل مجال المال والقانون والإدارة والموارد البشرية جزءًا كبيرًا من يومهم في العمل في المهام الإدارية والتحليلية. كما يقضي علماء الكمبيوتر ومطورو البرامج وخبراء تكنولوجيا المعلومات عادةً الكثير من الوقت في الجلوس أمام شاشات الحاسوب وحل المشكلات التقنية وتطوير البرامج وما الى ذلك..
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن هذه المهن غالبًا ما ترتبط بقلة النشاط البدني، إلا أن العديد من الأشخاص يسعون إلى تحقيق التوازن في روتينهم اليومي من خلال ممارسة، في فترات الراحة، التمارين الرياضية.
لماذا يشكل نمط الحياة المستقر خطراً على خصوبة الرجال؟
يمكن أن يشكل نمط الحياة المستقر خطراً على خصوبة الرجال بسبب العديد من الآليات الفسيولوجية والعوامل الصحية المرتبطة بها. أظهرت الدراسات أن نمط الحياة المستقر يمكن أن يؤدي إلى زيادة في درجة حرارة الخصية. يمكن أن يؤثر ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة التناسلية سلبًا على إنتاج الحيوانات المنوية، حيث تحتاج الخصية إلى الحفاظ على درجة حرارة أقل قليلاً من درجة حرارة الجسم الطبيعية لإنتاج حيوانات منوية جيدة.
كما أن نمط الحياة المستقر أو حتى قلة النشاط البدني يمكن أن يضر بالدورة الدموية، بما في ذلك الدورة الدموية الخاصة بالأعضاء التناسلية. يمكن أن يؤثر ضعف دوران الدم على توصيل العناصر الغذائية والأكسجين إلى الخصيتين، مما يؤثر على أدائهما الأمثل. حيث أن الحفاظ على النشاط البدني بانتظام يرتبط عمومًا بمستويات هرمونية متوازنة، بما في ذلك مستويات جيدة لهرمون التستوستيرون. من ناحية أخرى، يمكن لنمط الحياة المستقر أن يساهم في الاختلالات الهرمونية التي يمكن أن تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
ما هي مشاكل العقم الأخرى المرتبطة بنمط الحياة المستقر لدى الرجال؟
وقد وجدت الدراسات أن نمط الحياة المستقر غالبا ما يرتبط بالسمنة ومقاومة الأنسولين. الحالات التي يمكن أن يكون لها آثار سلبية على الصحة الإنجابية. علاوة على ذلك، أظهرت الدراسات أن السمنة قد تترافق مع مشاكل مثل انخفاض عدد و جودة الحيوانات المنوية.
وأيضا، الخمول البدني يمكن أن يساهم في الإجهاد التأكسدي في الجسم. يتميز الإجهاد التأكسدي بعدم التوازن بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا، بما في ذلك الحيوانات المنوية، وتضعف وظيفتها. وفي هذا الصدد، أشارت الدراسات إلى أن الرجال الذين لا يمارسون الرياضة قد يعانون من مشاكل في جودة الحيوانات المنوية، وانخفاض عددها، وحركتها وتشوهات شكلية.
ما الذي يؤثر أكثرعلى الخصوبة ؟
يمكن أن تتأثر الخصوبة بمجموعة معقدة من العوامل، ولكن بعض العناصر لها تأثير كبير. عادات نمط الحياة، بما في ذلك نمط الحياة المستقر، والسمنة، والتدخين والإفراط في استهلاك الكحول، يمكن أن تضر بالصحة الإنجابية.
- الاضطرابات الهرمونية
- التهابات الجهاز التناسلي
- التشوهات الجينية
- دوالي الخصية
هذه الأسباب هي أيضا عوامل مهمة. بالإضافة إلى ذلك، يلعب العمر، عند كل من الرجال والنساء، دورًا كبيرا، حيث تتراجع الخصوبة بشكل ملحوظ مع التقدم في السن. يمكن أن يساعد تبني نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام والتحكم في التوتر في الحفاظ على خصوبة جيدة. ويعد تحديد هذه العوامل والتحكم فيها أمرًا ضروريًا لمعالجة مشاكل الخصوبة المحتملة وتعزيز الصحة الإنجابية المثالية.