يلعب فيتامين د، الذي يطلق عليه أيضا "فيتامين الشمس"، دورًا حيويًا في صحة الجسم. في حين يمكن الحصول عليه من بعض الأطعمة والمكملات الغذائية، يمكن لأجسامنا أن تنتج هذا العنصر الغذائي الأساسي بشكل طبيعي عندما تتعرض بشرتنا لأشعة الشمس. يتناول هذا المقال تعقيدات تخليق فيتامين د من خلال التعرض لأشعة الشمس، والعوامل المؤثرة في هذه العملية، وكيفية الحصول على مستويات جيدة من فيتامين د دون التعرض لمخاطر الشمس.
تخليق فيتامين د يعتمد على أشعة الشمس
إنتاج فيتامين د في أجسامنا هو عملية معقدة تبدأ عندما تتعرض بشرتنا لأشعة الشمس فوق البنفسجية (UVB). ويتم تخليق فيتامين د عندما :
- تصطدم الأشعة فوق البنفسجية UVB بالبشرة، لتتفاعل مع نوع من الكوليسترول في خلايا الجلد يُسمى 7-ديهيدروكوليسترول.
- يحوّل هذا التفاعل 7-ديهيدروكوليسترول إلى بروفيتامين D3.
- يخضع بروفيتامين D3 بعد ذلك لعملية تعتمد على الحرارة ليصبح فيتامين D3 (كوليكالسيفيرول).
- يدخل فيتامين D3 إلى مجرى الدم ويتجه إلى الكبد حيث يتحول إلى كالسيديول (25-هيدروكسي فيتامين د).
- أخيرًا، يتحول الكالسيديول إلى كالسيتريول (1،25-ديهيدروكسي فيتامين د) في الكلى، وهو الشكل النشط من فيتامين د الذي يستخدمه الجسم.
العوامل التي تؤثر على إنتاج فيتامين د :
1. مكان الإقامة
أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون فوق خط العرض 37 شمالًا أو تحت خط العرض 37 جنوبًا قد يواجهون صعوبة في إنتاج كمية كافية من فيتامين د من أشعة الشمس، خاصة خلال أشهر الشتاء. يعود سبب ذلك إلى زاوية أشعة الشمس التي تؤثر على اختراق الأشعة فوق بنفسجية UVB للغلاف الجوي.
2. الغيوم وأشعة الشمس والتلوث
يمكن أن تقلل الغيوم بشكل كبير من الأشعة فوق بنفسجية UVB التي تصل إلى سطح الأرض. على سبيل المثال، يمكن لليوم الغائم أن يقلل من أشعة UVB بنسبة تصل إلى 50%. التلوث الجوي، خصوصًا في المناطق الحضرية، يمكن أن يمتص ويشتت أشعة UVB، مما يقلل من إنتاج فيتامين د. وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة "Science of The Total Environment" أن التلوث الجوي في بعض المدن يمكن أن يقلل من إنتاج فيتامين د بنسبة تصل إلى 60%.
3. فصول السنة
في العديد من أنحاء العالم، يتفاوت إنتاج فيتامين د بشكل كبير حسب الفصول. خلال أشهر الشتاء، تكون زاوية الشمس منخفضة جدًا بحيث لا تستطيع الأشعة فقو بنفسجية UVB اختراق الغلاف الجوي بفعالية، مما يؤدي إلى ما يعرف بـ "عوز فيتامين د". وقد وجدت دراسة في "Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism" أن إنتاج فيتامين د يمكن أن يكون أعلى بستة أضعاف في الصيف مقارنة بالشتاء في المناطق المعتدلة.
4. وقت النهار
تكون الأشعة فوق البنفسجية UVB في ذروتها عندما تكون الشمس في أعلى نقطة في السماء، عادة بين الساعة 10 صباحًا و4 مساءً. وقد وجدت دراسة نشرت في "Journal of Investigative Dermatology" أن التعرض لأشعة الشمس في منتصف النهار ينتج المزيد من فيتامين د مقارنة بالتعرض لها في الصباح أو بعد الظهيرة.
5. نوع البشرة
يعمل الميلانين، الصبغة التي تعطي البشرة لونها، كواقي شمس طبيعي. يحتاج الأشخاص ذوو البشرة الداكنة (عندهم تركيز عالي من الميلانين) إلى التعرض لمدة أطول للشمس لإنتاج نفس كمية فيتامين د التي ينتجها الأشخاص ذوو البشرة الفاتحة. وقد وجدت دراسة في "American Journal of Clinical Nutrition" أن الأفراد ذوي البشرة الداكنة قد يحتاجون إلى التعرض للشمس بما يصل إلى ستة أضعاف المدة التي يحتاجها ذوي البشرة الفاتحة لإنتاج نفس كمية فيتامين د.
العوامل التي تمنع إنتاج فيتامين د بشكل صحيح :
1. واقي الشمس
في حين أنه ضروري للحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، يمكن لواقي الشمس (sunscreen) أن يقلل بشكل كبير من إنتاج فيتامين د. يمكن لواقي شمس بمعامل حماية SPF 30 أن يقلل من إنتاج فيتامين د بنسبة تصل إلى 95% وفقًا لدراسة نشرت في "Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism".
2. زجاج النوافذ
لا يمكن لأشعة UVB، الضرورية لإنتاج فيتامين د، أن تخترق الزجاج. لذلك، فإن الجلوس في ضوء الشمس داخل المنزل بالقرب من النافذة لن يؤدي إلى إنتاج فيتامين د.
كيف أتعرض للشمس للحصول على فيتامين د ؟
بناءً على البيانات العلمية، نستعرض بعض الإرشادات للتعرض بشكل آمن لأشعة الشمس لتعزيز الحصول على فيتامين د :
- قم بالتعرض للشمس في منتصف النهار، من الساعة 11 صباحًا حتى 3 مساءً.
- ابدأ بالتعرض للشمس لفترات قصيرة، حوالي 10-15 دقيقة للأشخاص إذا كانت بشرتك فاتحة، وزد المدة تدريجيًا حسب قدرتك على التحمل.
- عرّض مساحات أكبر من جسمك للشمس، مثل الذراعين، الساقين، والجذع، بدلاً من الوجه واليدين فقط.
- كن حذرًا وتجنب حروق الشمس، التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
هل يمكنك الحصول على فيتامين د من الشمس بعد الساعة 4 مساءً ؟
يمكن الحصول على بعض فيتامين د من الشمس بعد الساعة 4 مساءً، لكن الكفاءة تقلّ بشكل كبير. في الوالقع، تكون أشعة UVB في ذروتها عندما تكون الشمس عمودية في السماء، عادة بين الساعة 10 صباحًا و4 مساءً. بعد الساعة 4 مساءً، تجعل زاوية الشمس الأشعة الفوق بنفسجية UVB تسافر مسافة أطول عبر الغلاف الجوي، مما يقلل من شدّتها.
ما هو أفضل وقت للحصول على فيتامين د من الشمس ؟
الوقت الأمثل للحصول على فيتامين د من الشمس هو عادة بين الساعة 10 صباحًا و4 مساءً، مع تحقيق أعلى إنتاج عند الظهيرة.
فوائد الحصول على فيتامين د من الشمس :
- تحسين امتصاص الكالسيوم وصحة العظام.
- تعزيز وظيفة الجهاز المناعي.
- تقليل خطر إحتمال الإصابة بأنواع معينة من السرطان.
- تحسين المزاج وتخفيف أعراض الاكتئاب.
- تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
كيف يحصل الجسم على فيتامين د من الشمس ؟
تمتص البشرة أشعة UVB التي تحفز تحويل 7-ديهيدروكوليسترول إلى بروفيتامين D3. يخضع هذا الجزيء بعد ذلك لتغيير حراري ليصبح فيتامين D3 الذي يدخل مجرى الدم ويتحول لاحقًا في الكبد والكلى.
الطريقة الصحيحة للاستفادة من الشمس للحصول على فيتامين د
إرشادات عامة للأشخاص ذوي البشرة الفاتحة :
الفصل | مدة التعرض | الوثيرة |
---|---|---|
الربيع/الخريف | 15-20 دقيقة | 2-3 مرات في الأسبوع |
الصيف | 10-15 دقيقة | 2-3 مرات في الأسبوع |
الشتاء | 20-30 دقيقة | 3-4 مرات في الأسبوع (شرط توفر الأشعة فوق بنفسجية) |
ملاحظة: يجب تعديل هذه الأوقات بناءً على نوع البشرة، الموقع، وعوامل أخرى.
كم مدة التعرض للشمس للحصول على فيتامين د ؟
يعد تعريض حوالي 25% من سطح الجلد (الوجه، الذراعين، والساقين) خلال الأوقات الموصى بها أمرا مهما للمساعدة على إنتاج كمية كافية من فيتامين د. ومع ذلك، قد يختلف ذلك بناءً على العوامل الفردية.
ما هي الأطعمة الغنية بفيتامين د ؟
إن التعرض للشمس هو الطريقة الأكثر كفاءة لإنتاج فيتامين د، ومع ذلك هناك بعض الأطعمة التي تعد مصادر جيدة للحصول على فيتامين د :
- الأسماك الدهنية (السلمون، الماكريل، السردين)
- صفار البيض
- منتجات الألبان المدعمة
- الحبوب المدعمة
- الفطر المعرض لأشعة UV
كيفية الحصول على فيتامين د من الشمس في فصل الشتاء ؟
في العديد من المواقع الجغرافية، يكون من الصعب الحصول على كمية كافية من فيتامين د من الشمس خلال الشتاء بسبب قلّة أشعة UVB. لهذا السبب يجب مراعاة وقت ومدة التعرض للشمس في الشتاء :
- قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق خلال منتصف النهار
- قضاء إجازة شتوية في مكان مشمس
- استخدام مصباح الأشعة فوق بنفسجية (UV lamp) (تحت إشراف طبي)
- الاعتماد بشكل أكبر على المصادر الغذائية والمكملات
هل إنتاج فيتامين د خلال الصيف يكفي طوال العام ؟
بينما يمكن للجسم تخزين فيتامين د، فإن الحصول عليه خلال الصيف وحده لا يكفي عادة للحفاظ على مستويات مثالية منه على مدار السنة، خاصة في المناطق الشمالية. وقد وجدت دراسة تم نشرها في "British Journal of Nutrition" أن مستويات فيتامين د تصل إلى الذروة في أواخر الصيف وتتناقص خلال الشتاء والربيع.
هل مكملات فيتامين د أكثر فعالية من التعرض للشمس ؟
بالنسبة للعديد من الأشخاص، خاصة الذين يعيشون في المناطق الشمالية أو الذين يتعرضون للشمس بشكل محدود، يمكن أن تكون مكملات فيتامين د أمرا مهما من التعرض للشمس فقط. وقد وجدت دراسة تحليلية تم نشر نتائجها في "British Medical Journal" أن مكملات فيتامين د كانت فعالة في زيادة مستويات 25-هيدروكسي فيتامين د في الدم وتقليل خطر نقص فيتامين د.
كخلاصة، بينما يبقى التعرض للشمس وسيلة فعالة لإنتاج فيتامين د، من المهم موازنة الفوائد مع مخاطر التعرض الزائد للأشعة فوق البنفسجية. وتلعب عوامل مثل الموقع، المدة والوقت، الفصل، والخصائص الفردية دورًا في تحديد الطريقة الصحيحة للاستفادة من الشمس وإنتاج ما يكفي من فيتامين د. بالنسبة للعديد من الأفراد، قد يكون الجمع بين التعرض الآمن للشمس، المصادر الغذائية، والمكملات تحت إشراف طبي هو النهج الأكثر فعالية للحفاظ على مستويات مثالية من فيتامين د على مدار السنة.
وتجدر الإشارة إلى أنه من المستحسن دائمًا استشارة أخصائي للحصول على نصائح شخصية بشأن تناول مكملات فيتامين د والتعرض للشمس، خاصة إذا كان لديك مشاكل صحية محددة أو كنت معرضًا لخطر نقص فيتامين د.
أداة مخصصة لقياس مدة التعرض للشمس للحصول على فيتامين د
تقدم أداة قياس مدة التعرض للشمس للحصول على فيتامين د توصيات مخصصة استنادًا إلى معايير علمية دقيقة تشمل لون البشرة، الموقع الجغرافي، حالة الطقس (طقس مشمس/غائم)، وفصول السنة.. تهدف هذه الأداة إلى مساعدة المستخدمين في تحقيق مستويات كافية من فيتامين د من خلال التعرض الآمن والمناسب لأشعة الشمس، مما يعزز صحتهم العامة.
رابط الأداة : Vitamin D Sun Exposure Calculator