يعيش داخل جسم الإنسان الصحي حوالي 400 تريليون فيروس، وهو عدد يزيد بنحو 10 أضعاف عن عدد البكتيريا التي تقطن فينا. على الرغم من وجود عدد هائل للفيروسات، إلا أن جزءًا صغيرًا منها فقط يشكل خطورة على الإنسان. لقد استطاع العلماء التعرف على كل أنواع البكتيريا تقريبًا، بخلاف الفيروسات التي تتميز بتنوع غير مسبوق، ومن الصعب تحديد أنواعها بدقة بسبب تحورها المستمر وظهور أشكال جديدة منها.
ما هي الفيروسات التي يمكنها التسبب بالمرض للإنسان ؟
هناك العديد من الفيروسات التي يمكن أن تسبب الأمراض البشرية، ومن أبرزها :
- فيروس الإنفلونزا : يسبب مرض الإنفلونزا، وهو مرض تنفسي معدٍ ينتشر بسهولة من شخص لآخر.
- فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) : يهاجم هذا الفيروس الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى الإيدز ويزيد من خطر الإصابة بأمراض أخرى.
- فيروسات التهاب الكبد : مثل التهاب الكبد A وB وC، والتي تؤثر على الكبد وتسبب التهابات وأعراض مختلفة.
- فيروس النكاف : يسبب النكاف، وهو مرض معدٍ يؤثر على الغدد اللعابية ويؤدي إلى تورمها.
- فيروس الحصبة : يسبب الحصبة، وهو مرض شديد العدوى يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
- فيروس الإيبولا : يعد من الفيروسات المميتة، حيث يمكن أن تصل نسبة الوفيات إلى 90% في بعض الحالات.
- فيروس زيكا : ينتقل عبر البعوض ويؤدي إلى عيوب خلقية عند الأطفال، مثل صغر حجم الرأس.
- فيروس جدري الماء : يسبب جدري الماء، وهو مرض جلدي معدٍ.
- فيروسات أخرى : مثل فيروس شيكونغونيا وفيروس لاسا، والتي تسبب أمراضًا متنوعة تتراوح بين الحمى وآلام المفاصل.
بعض الفيروسات يمكن أن تظل خاملة في الجسم وتنشط مرة أخرى استجابة لظروف معينة.
يمكن أن تظل الفيروسات نائمة أو كامنة في أجسامنا لفترات طويلة من الزمن. على سبيل المثال، يصيب فيروس إبشتاين-بار، وهو أحد أفراد عائلة فيروسات الهربس، الخلايا الليمفاوية ويبقى، في سبات عميق تمامًا، في الجسم حتى نهاية حياة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن العدوى مثل كوفيد-19 يمكن أن تعيد تنشيط الفيروسات الخاملة، مثل الفيروسات الشبيهة بالهربس الكامنة. على سبيل المثال، يمكن أن يظل فيروس الهربس البسيط كامنًا في الجسم وينشط مرة أخرى في حالات الحمى أو نزلات البرد أو التعرض لأشعة الشمس أو الإجهاد أو ضعف المناعة.
إذا كنت تخطط للذهاب، يوما ما، إلى الفضاء، فيجب أن تكون على دراية بهذا الخطر قبل أن تنطلق في هذه الرحلة.
لقد تم الكشف عن هذا "الأمر" للتو من خلال دراسة حديثة أجرتها وكالة ناسا الأمريكية.
الفضاء يوقظ الفيروسات النائمة !
ولك أن تتخيل، يتم فحص صحة رواد الفضاء بدقة لتفادي أن يمرضوا في الفضاء الخارجي ! ومع ذلك... قبل الانطلاق في الرحلة، مرت العديد من الفيروسات من الفحص دون أن يلاحظها أحد !
ولكن عند العودة، ارتفع مستوى الجزيئات الفيروسية بشكل كبير عند نصف طاقم الرحلة الفضائية !
حتى أن البعض أصيب بالمرض بسبب هذه الصحوة المفاجئة للفيروسات الكامنة، بما في ذلك جدري الماء، "داء التقبيل"... هذه الأمراض لن تتخلصوا منها أبدًا !
مثل هؤلاء رواد الفضاء، ربما أصابكم جدري الماء في سن 3-4 سنوات تقريبًا. ثم ربما أصبتم بكثرة الوحيدات العدائية في حوالي 15-16 سنة، الذي يسمى أيضا "داء التقبيل".
في أغلب الأحيان، لا تسبب هذه الأمراض الكثير من الضرر.
وفي بعض الأحيان، يتم خلط أعراض "داء التقبيل" مع أعراض التهاب اللوزتين، أو حتى تمر هذه الأعراض دون أن يلاحظها أحد على الإطلاق.
ربما تظن أنك نجوت من هذه الأمراض القديمة... ومع ذلك، يؤسفني أن أخبرك، أنك لا تزال تستضيف (على الأقل) داخيلين في جسمك :
- فيروس جدري الماء النطاقي، من عائلة الهربس، وهو يسبب مرض جدري الماء.
- فيروس إبشتاين-بار، المسؤول عن مرض التقبيل.
نعم، هذين الفيروسين لهما خصوصية البقاء داخل جسمك مدى الحياة !
والدليل على ذلك تجربة رواد الفضاء التي كشفت عنها ناسا : لا نتخلص من هذه الفيروسات أبدًا، حتى في الفضاء!
لسبب بسيط وهو أن…
هذه الفيروسات تدخل في كمون بداخل جسمك... حتى آخر يوم في حياتك !
لنأخذ على سبيل المثال فيروس إبشتاين-بار، وهو فيروس عمره 100 مليون عام : 95% من البشر لديهم أجسام مضادة ضده.
ومع ذلك، من المعلوم أن 95% من الأشخاص لا يعانون من مرض التقبيل دائما !
ينتقل فيروس إبشتاين-بار عن طريق اللعاب، ويتسلل إلى خلايا اللوزتين. عندما يكون نشطا، فإنه يؤدي إلى مرض التقبيل، أو التهاب اللوزتين المتكرر.
ولكن، بمجرد الشفاء، يتصرف الفيروس بخبث. حيث يستقر في الخلايا الليمفاوية البائية (بالإنجليزية : B cell أو B-Lymphocytes)، ويدخل في سبات أو كمون.
نظرًا لأنه دخل في خلية مضيفة (يحتاج إلى خلية ليعيش)، فإنه يظل قادرًا تمامًا على التكاثر لولادة فيروسات جديدة. لكنه لا يفعل ذلك. بل يبقى كامنا في سبات وفي تعايش متناغم. لدرجة أنه يفلت من يقظة جهاز المناعة.
بالنسبة لفيروس جدري الماء، فهو يتبع نفس المبدأ تمامًا. باستثناء أنه يختبئ في العقد العصبية لجهازك العصبي.
الفيروسات الكامنة.. قنبلة موقوتة داخل جسمك !
هناك واحد من أمرين :
- إما أن هذه الفيروسات ستبقى غير ضارة حتى نهاية حياتك؛
- إما أنها ستنشط من جديد ويمكن أن تسبب أمراضًا قد تؤدي إلى الإعاقة في بعض الأحيان. كما هو الحال مع فيروس إبشتاين-بار إذا نشط من جديد، وهو فيروس لايستهان به !
لأنه يشارك في ما لا يقل عن 7 أمراض مناعة ذاتية، بما في ذلك مرض الذئبة والتصلب المتعدد والسكري من النوع الأول والتهاب الغدة الدرقية هاشيموتو.
ولكن أيضًا في متلازمة التعب المزمن والألم العضلي الليفي، وارتجاع المعدة، والقرحة الهضمية، ومرض كرون، دون أن ننسى بعض أنواع السرطان (سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين، وسرطان البلعوم الأنفي، وسرطان المعدة).
أما بالنسبة لفيروس جدري الماء، فإذا قمت بإيقاظه.. فسوف يصيبك بالهِربِس النُطاقي المؤلم !
لهذا السبب يجب عليك الحذر كل الحذر من إيقاظ هذه الفيروسات الخبيثة..
الوقاية خير من العلاج.. كيف تتفادى إيقاظ هذه الفيروسات الكامنة ؟
إذا كان الفضاء قادرًا على إعادة تنشيط الفيروسات الخاملة أو الكامنة لدى رواد الفضاء، فذلك تقريبًا لنفس الأسباب الموجودة على الأرض :
- الإجهاد البدني أو العاطفي الشديد (القلق، اضطراب النوم، الإجهاد البدني، وما إلى ذلك)؛
- نقص المغذيات (خاصة فيتامين د والزنك والسيلينيوم والفيتامينات أ و س)؛
- التعرض للتلوث (التبغ، المعادن الثقيلة، إلخ)؛
- العدوى (عدوى أخرى تعيد تنشيط فيروس خامل)؛
- ضعف المناعة (انخفاض قوة جهاز المناعة، تناول أدوية تضعف المناعة)؛
- عوامل معيّنة أخرى خاصة بالفضاء : انعدام الوزن، واضطراب النوم، والإشعاع و"إطفاء" جينات معينة..
وهو ما يؤكد مرة أخرى المقولة الشهيرة : "الميكروبات ليس شيئًا، والأرضية هي كل شيء"!
لأنه طالما أن جسمك سليم، فلا يوجد خطر إعادة التنشيط.
وفي المقابل، إذا انخفضت قوة جسمك، فاحذر من هذا الكمين لأنه سيصبح بعد ذلك أكثر تعرضا للعدوى !
ولتجنب هذا السيناريو الكارثي، هناك نصيحة واحدة فقط : الوقاية !
أبقِ هذه الفيروسات في وضع "الكمون" وتمتع بصحة جيدة
لتمنح جسمك مناعة قوية مضادة للفيروسات، قم بسد النقص في الغذاء (دواءكم في طعامكم) وتناول مضادات فيروسات طبيعية.
تناول، على وجه الخصوص، السيلينيوم (200 ملغ / يوم)، والفيتامينات E، C (1 إلى 3 غرام كحد أقصى)، D (الحد الأدنى 4000 وحدة دولية / يوم) و A، الكيرسيتين (500 ملغ / يوم)، الكركمين ... أو حتى أوميغا 3 (250 ملغ/يوم من DHA و 250 ملغ/يوم من EPA).
تناول أيضًا خميرة البيرة أو السبيرولينا أو حبوب اللقاح أو حتى الطحالب.
وحاول الحد من التوتر قدر الإمكان لأنه يزيد من مستويات الكورتيزول والكاتيكولامينات (الأدرينالين والنورادرينالين والدوبامين) التي تضعف الجهاز المناعي.
ولا تنسى أيضا المغنيسيوم (300 ملغ يوميًا كحد أدنى من ثنائي جليسينات المغنيسيوم).
أما بالنسبة للعلاج العطري (بالإنجليزية: Aromatherapy)، إذا كان عليك فقط اقتناء زيت عطري واحد، فاختر زيت رافينتسارا الأساسي. وهو قوي جداً ضد الالتهابات الفيروسية، وخاصة فيروسات الهربس.
ضع قطرة أو قطرتين من هذا الزيت على الجزء الداخلي من الرسغين (افرك معصميك معًا)، لمدة 5 أيام من أصل 7 في المرحلة الحادة.
كخلاصة، ضع في ذهنك أن أفضل استراتيجية ضد الفيروسات ليست دائمًا قتلها، بل التعايش السلمي معها (مع إبقائها تحت السيطرة!).
في الوقت الحاضر، لا يوجد علاج لمرض إبشتاين-بار.. وهذا سبب إضافي لتتعلّم كيف تبقيه تحت السيطرة !